مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث هو مؤسسة بحثية يهدف إلى تحقيق مفهوم جديد للتربية؛ يتلاءم مع الانفجار المعرفي والثورة العلمية والتقنية التي نعيشها؛ للنهوض بالبحوث العملية والأساسية والتطبيقية بالتنسيق مع الجهات المختصة، وتدريب القدرات البحثية، وتقديم الاستشارات للمؤسسات والأفراد عن بعد؛ وللمركز في سبيل تحقيق أهدافه.
تاريخ استلام البحث : | 2021-07-25 |
تاريخ قبول النشر : | 2021-09-10 |
تاريخ نشر البحث : | 2021-09-30 |
د. عوض أحمد حسن العلقمي
أستاذ الأدب العربي المشارك|| قسم اللغة العربية
||كلية التربية|| جامعة عدن|| اليمن
Tel: 00967773076555||Emil: wzaaall782@gmail.com
إن هدف الجاحظ المضمر في كتابه "البخلاء" هو الإشادة بكرم العرب وجودهم والانتقاص من ظاهرة البخل والبخلاء الفرس، وهي فئة أخذت تؤثر في المجتمع العباسي بعاداتها وتقاليدها التي لم يألفها العربي وغدت خطراً على أخلاقياته؛ فعمد الجاحظ إلى تعرية هؤلاء البخلاء من مصداقيتهم في توجهاتهم ومعتقداتهم، بأسلوب قصصي فكاهي، واستطاع من خلال تصوير شخصياته – الحقيقية الواقعية – الكشف عن كثير من طبائع البخلاء وخفايا نفسياتهم المضطربة، وقد اتسم تصويره بالمصداقية والواقعية والمنطق، كذلك أبرز –بفنيته المعهودة –الجوانب الفكرية لمعتقدات الآخر في ظاهرة البخل، ومنهجية البخيل في البخل وإيمانه المترسّخ في نفسيته، كما استحضر الخلاف الذي ينشأ أحيانًا بين القوميات المختلفة في المجتمع العباسي بطريقة فنية لا تشي بنزعة عنصرية لديه، كالحوار الذي أجراه في قصة أبي سعيد المدائني والثقفي. والجاحظ في كثير من قصصه يرسم للقارئ صورة واضحة لفئة فارسية منتشرة في مجتمعه، تُمثِّل طبقة واسعة في المجتمع العباسي، هيأت لها الحياة السياسية فرصة ممارسة ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها القومية ما جعلها صورة مصغرة للأمة الفارسية في موطنها. ومن هذا المنطلق يمكن أن يُصنَّف كتاب "البخلاء" للجاحظ مادة للأدب المقارن ضمن أحد فروعه المسمى بعلم دراسة صورة الآخر ويختص هذا الفرع بدراسة صورة أمة ما في أدب أمة أخرى أو في مؤلفات كاتب من كُتَّاب أمة أخرى.